الثلاثاء، 28 فبراير 2017
صدام الرئيس مع مؤسسات الدولة
صعود نجم «الرقابة الإدارية» على حساب «المركزي للمحاسبات» الأزهر يحرج الرئيس بعد مطالبته بتقنين الطلاق الشفوي «الصحفيين».. صراع يحتدم ويصل إلى محاكمة النقيب مشروع قانونون لتعيين الرئيس لرؤساء الهيئات القضائية صراع يحتدم ويتصاعد يدور بين "الرئاسة" وبعض مؤسسات الدولة، هذا الصدام ألقى بظلاله على الشارع المصري، خاصة أنه يدور مع أكبر المؤسسات بالبلاد، والمتمثلة فى القضاء والأزهر والجهاز المركزى للمحاسبات والصحفيين, فى محاولة من الطرف الأول للهيمنة، خاصة أن هذه المؤسسات سبق وقامت برفض تنفيذ عدد من "الفرمانات" التى أمر الرئيس بتنفيذها، والتى كان آخرها تقنين "الطلاق الشفوي"، والذى جاء رد المشيخة عليه بأنه يقع طالما استوفى أركانه وشروطه. كما سبق ذلك الحكم التاريخى لمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بمصرية تيران وصنافير، وصراع الصحفيين مع "الداخلية" والذى انتهى بمحاكمة النقيب وعضوى مجلس النقابة. "المركزى للمحاسبات" و"الرئاسة".. الصراع المكتوم تطور الصدام بين الجهاز المركزى للمحاسبات وأجنحة النظام الحالي, بسبب عدم رضا الرئيس السيسى عن تقاريره "المحاسبات" حول حجم الفساد فى مؤسسات الدولة، حيث أصدر الرئيس قانون "89" ليبيح لنفسه إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، الأمر الذى يعتبر أحد تجليات هذا الصراع, وذلك بمخالفة الدستور الحالى الذى تؤكد مواده، أن الهيئات الرقابية تحمل صفة "مستقلة" أى أنها بعيدة تمامًا عن إمكانية إقالة رئيسها أو حتى موظفيها من قبل السلطة التنفيذية. ولم تكن المرة الأولى التى يدخل فيها الجهاز فى هذا الصراع، ففى عهد الرئيس المعزول لم يسلم الجهاز من محاولات أخونة من خلال تعيين بعض أعضاء الجماعة فى "الجهاز المركزى"، وطالت الاتهامات هشام جنينة، رئيس الجهاز، حتى يتم التضييق عليه وإصدار قوانين تمكن النظام من تغييره قبيل انتهاء مدته القانونية، وذلك لعرقلته عن أداء مهمته كرئيس لجهاز رقابى مهم. وفى عهد السيسى، يواجه "المركزى للمحاسبات" معارك فى جبهات شتى استعدت جميع أركان الدولة والنظام ضده، خاصة بعد التقرير الأخير لجنينة والذى أكد فيه أن أجهزة الدولة الحالية بها تراخٍ شديد فى التعاطى مع ملفات الفساد، حيث إنها لا تتعاون مع الجهاز لكشفه، كما أنها لا تتحرك لإيقافه، كما ذكر أن النيابة العامة حققت فى أقل من 7% من الملفات التى بعث بها إليها، فى حين حُفظ الباقى فى الأدراج، وصولًا إلى المناوشات الإعلامية المستمرة مع جنينة عقب كل تقرير يصدر من الجهاز، كانت آخر هذه المناوشات بسبب تقرير الجهاز الذى تحدث عن بلوغ حجم الفساد فى مصر مؤخرًا، أكثر من 600 مليار جنيه، وهو رقم أثار الرأى العام المصري، ما دعا رئاسة الجمهورية للتدخل فى شؤون الجهاز بقرارات وصفت بأنها غريبة وغير متعارف عليها. فى الوقت نفسه، صعد جهاز الرقابة الإدارية، وظهر دوره بشكل غير مسبوق وجديد خلال الأيام الماضية، من خلال اكتشافه العديد من قضايا الفساد فى مصر، وكان اللواء محمد عرفان، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، أوضح أن الرئيس السيسى يتابعهم بشكل مباشر لأول مرة فى تاريخ الهيئة. من جانبه، قال سعد الحسيني، المحلل السياسي، إن السيسى هدفه تلميع جهاز الرقابة لإظهار نشاطه من خلال الكشف عن الفساد وإجهاض دور الجهاز المركزى للمحاسبات، مؤكدًا أن القضايا التى تضبط من قبل الرقابة الإدارية منتقاة لإظهار دور الجهاز، وأن هذه القضايا التى يتم الإعلان عنها ما هى إلا وقائع انتقامية بقصد تجميل وجه النظام، بحسب كلامه. وأشار فى تصريح لـ"المصريون"، إلى أنه يجب التفرقة بين دور الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة، والذى يختص بمراقبة الميزانيات ومراجعة المصروفات والإيرادات وبيان ما إذا كان هناك استغلال للمال العام فى غير موضعه وبيان الثغرات القانونية التى ينفذ من خلالها بعض العاملين للاستيلاء على المال العام وإهداره. صدام "القضاء والرئاسة".. يصل ذروته تشهد العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والقضاء توترات كبيرة، تبادل فيها الطرفان الاتهامات, خاصة بعد طرح قانون الهيئة القضائية والذى يقضى بأن يتدخل الرئيس بتعيين رؤساء هذه الهيئات، إضافة إلى الحكم التاريخى الذى قضت به محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة الذى أحرج الحكومة، بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية والتى بموجبها تنازلت مصر عن "تيران وصنافير" للمملكة. وعلى الرغم من أن مؤسسة القضاء لم يكن الصدام الأول لها مع "الرئاسة", إلا أنها وصلت لذروتها فى عهد السيسى, فعلى الرغم من أن الرئيس المعزول محمد مرسى دخل فى مواجهة عنيفة مع القضاء بسبب محاولات "الأخونة" التى كان يحاول أن يمارسها داخل أروقة القضاء، والتى طغت سخونتها على الشارع المصرى عبر وسائل الإعلام المعارضة والمؤيدة له والتى كان انتهت وقتها بإقالة النائب العام عبد المجيد محمود وتعيين المستشار طلعت عبد الله خلفًا له، إلا أنه لم يستطع مواصلة الصراع معها والوقوف ضدها، ليتكرر السيناريو فى عهد النظام الحالى. من جانبه، قال المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، إن الصدام الذى يحدث الآن بين القضاة والرئيس السيسى سببه تغول السلطة التنفيذية بشكل فاق الحد، وهذا من شأنه تكميم الأفواه وإحكام قبضته على جميع المؤسسات، كما جرى على الصحافة والإعلام والجامعات وإلغاء الانتخابات بها، كما تم اختيار مجلس النواب عبر أجهزة المخابرات بدون معارضة حقيقية حتى يسهل تمرير القوانين ومنها قانون السلطة القضائية الذى أثير بشأنه جدل كبير، وذلك بحسب كلامه. وأضاف سليمان، لـ"المصريون"، أن الغضب بدأ يدب بين صفوف القضاة بسبب التصرفات الأخيرة من طرح مشروع الهيئات القضائية دون مبرر أو أسباب مقنعة وهذا يعد تدخلاً واضحًا فى شئون القضاء وتغول سلطة على سلطة بالمخالفة للدستور، متابعا: "محاولات إقصاء قضاة بعينهم من مناصبهم أو حرمانهم من مناصب تنتظرهم، بالإضافة إلى ما جرى بمجلس الدولة وحادثة المستشار وائل شلبى وتحويل عدد من القضاة للتحقيق لمجرد كتابة آرائهم على فيسبوك؛ كل هذا كان كفيلاً بإحداث غضبة لدى القضاة واعتراضهم على ما يجرى وهو ما تم تفعيله من خلال مؤتمرات نوادى القضاة والبيانات التى صدرت عنها برفض قانون السلطة القضائية". وتوقع وزير العدل الأسبق، استمرار الصدام بين السلطتين التنفيذية والقضائية، معللاً ذلك بأن الرئيس السيسى سوف يواصل تدخله فى شئون المؤسسة القضائية، فى الوقت الذى يرفض فيه القضاة هذا، خاصة أنهم باتوا يشعرون بأن الشعب فقد ثقته فيهم بسبب الأحكام التى تصدر بالإعدام والحبس بمدد كبيرة، بسبب تلفيق التهم من قبل الأمن الوطنى دون النظر لذلك من جانب القضاة فى إصدار أحكامهم، وبالتالى كان على القضاة أن يدركوا ذلك، وربما جاءت أحكام تيران وصنافير فى هذا السياق لاسترداد على الأقل جزء من هذه الثقة المفقودة، وهو ما كان أحد أسباب الغضب والصدام بين نظام السيسى والقضاة. "الأزهر".. وأزمته مع الرئيس بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الشهور الأخيرة، الدخول فى صدام مع شيخ الأزهر أحمد الطيب، بشكل صريح، وكان أبرزها خلال احتفالات المولد النبوي، وذلك عندما قال له: "أنا بقول لفضيلة الإمام كل ما أشوفه أنت بتعذبني، فيقولى أنت بتحبنى ولا لأ ولا حكايتك إيه؟ أنا بحبك وبحترمك وبقدرك وإياكم تكونوا فاكرين غير كده تبقى مصيبة، أنا بحب الإمام وعارف دور الأزهر ومقدره كويس فى مصر والعالم كله". ومن أبرز أزمات "السيسي" مع الأزهر الطلاق الشفوي، حيث طالب الرئيس بتقنين الطلاق الشفوى حتى جاءت هيئة كبار العلماء التابعة للأزهر ورفضت، معلنة وقوع الطلاق الشفوى طالما استوفى أحكامه وشروطه. وبعد أحداث الثالث من يوليو، وقيام قوات الأمن بفض اعتصام رابعة بالقوة وخرج الطيب وقال: "إن الأزهر يؤكد دائما على حرمة الدماء وعظم مسؤوليتها أمام الله والوطن والتاريخ، ويعلن الأزهر أسفه لوقوع عدد من الضحايا صباح اليوم، ويحذر من استخدام العنف وإراقة الدماء" على الرغم من أن الطيب كان من أوائل من أيد عزل الرئيس الأسبق مرسي. وهناك أزمة أخرى اصطدم فيها الأزهر مع الرئيس السيسى بشكل مباشر، حيث رفض تكفير تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فى الوقت الذى اعتبرت فيه الدولة "داعش" إرهابية. ومن جانبها، قالت آمنة نصير، النائبة البرلمانية وأستاذة الفقه المقارن والفلسفة بجامعة الأزهر، إن هناك الكثير من الخلافات بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ومشيخة الأزهر، متمثلة فى الشيخ أحمد الطيب، لكنها خلافات فى وجهات النظر، والخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، بحسب قولها. وأشارت "نصير" فى تصريحات خاصة لـ"المصريون"، إلى أنه رغم الخلافات فى مواقف كثيرة بين الرئاسة والأزهر، إلا أن هناك علاقة طيبة بين الرئيس السيسى والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر. وأضافت الأستاذة فى جامعة الأزهر، أن وسائل الإعلام وبعض الكارهين للدولة يحاولون عرقلة صفو الرئاسة والأزهر، مستغلين آراء الرئيس وشيخ الأزهر المخالفة فى أمور الدولة. الصدام مع "الصحفيين" الأكثر شراسة "الاعتقال والتوقف عن العمل", هذا مجمل ما يتعرض له الصحفيون فى مصر, منذ أحداث الثالث من يوليو 2013، وتولى الرئيس عبد الفتاح السيسى زمام الحكم. وصل عدد قتلى الصحفيين لأكثر من 10، وجميعهم لقوا مصرعهم فى أثناء تغطيتهم الميدانية، وهناك ما يقرب من 92 صحفيًا معتقلاً فى مختلف السجون على ذمة قضايا سياسية وحظر نشر، وممارسة المهنة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل يتعرض الصحفيون كل يوم داخل أماكن محبسهم للعديد من الانتهاكات والتعذيب الممنهج. كما أن هناك سياسة أخرى تتبع ضد الصحفيين وهى "الحبس الاحتياطي"، حيث إن هناك ما يقرب من 900 صحفى محبوس احتياطيًا بحسب إحصاءات حقوقية. ولم يكتف النظام الحالى بكل ما حدث، ففى خلال ثلاثة أعوام تمت مداهمة أكثر من 8 مواقع إخبارية وصحف، منها صحف عربية ومصرية خاصة، كما تم تشريد ما يقرب من 140 صحفيًا بمؤسسة الأهرام، ومنعهم من الدخول والاعتداء عليهم أمام المجلس الأعلى للصحافة من قبل قوات الأمن فى شهر أغسطس الماضى بعد العمل بجريدة الأهرام ما يقرب من عامين، ولم يتم حل مشكلة 250 صحفيًا من الصحف الحزبية والمستقلة، الذين أغلقت صحفهم، رغم تقديم العديد من الشكاوى لرئاسة الجمهورية. وخلال الآونة الأخيرة أصدرت الحكومة ما يقرب من 7 نصوص وقوانين دستورية ضيقت الخناق على الصحافة والإعلام، منها قانون الصحافة والإعلام الموحد، الذى تم الانتهاء منه فى 2015 وأثار هذا القانون مخاوف كثيرة. وفى هذا السياق، يقول حسن على, الخبير الإعلامى ورئيس قسم الإعلام بجامعة المنيا, إن النظام الحالى يريد إعلاء الصوت الواحد فقط وهو الصوت المؤيد وليس المعارض. وتابع "على" فى تصريحات خاصة: "الرئيس عبد الفتاح السيسى يجعلنا نعود للخلف إلى عهد جمال عبد الناصر المعروف بالديكتاتورية والقمع, وحكم الفرد الواحد فقط"، بحسب كلامه.
المصريين
28-2-2017
ا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق